لطبيعة عملى، تنقلت بين العديد من الشركات متعددة الجنسيات، ومررت على نظم إدارية مختلفة غالبا ما تأتى بنكهات البلاد التى تنحدر منها ومن خلال ذلك لاحظت سبل إرضاء الرؤساء المختلفة كل على حسب طبيعته، فعلى سبيل المثال: لكى تستقطب رضاء المدير "الكورى"، كن كالآلة فى عملك وكالساعة فى التزامك ولكى تلفت نظر المدير "الكندى" وتحصل على ترقية، انتقد أمامه أسلوبه فى الإدارة.
أما الحال مع المدير "التركى"، فهو أن تجعل زوجتك أفضل صديقة لزوجته فتتفتح لك كل أبواب السعادة المنشودة! أما عن الإدارة الخليجية، فالأفضل لك أن تمشى "جوه الحيطة" وليس بجوارها حتى لا تنهدم على "دماغ إللى خلفوك" وأخيرا وآخرا ففاكهة الختام هى "الرئيس المصرى" وهنا لابد أن أتوقف لبرهة وأسألك: "جبت الطبلة معاك النهارده؟!" لأنك حتما ستحتاج إليها لإرضاء رئيسك فإن أحسست منه ببعض الغضب تجاهك، لابد وأن تتدارك الأمر وتخرجها فورا لتبدأ العزف! وحقيقة الأمر أنى لم أعد أعى، أهى عادة موروثة منذ عهد الفراعنه أم أنها استحدثت مع الاحتلال المتكرر لمصر! ولا أعرف لماذا نصر دائما على حملها معنا فى كل مكان وزمان، فنفس الطبلة التى نحملها اليوم لمدرائنا هى تلك التى حملناها لعبد الناصر حينما بلينا بنكسة 67 وخرجنا نقرعها مطالبين له ألا يتنحى وهى أيضا وللصدفة، ذات الطبلة التى عزفنا عليها "اخترناه وبايعناه" للمخلوع ولعلها لا تكون نفس الطبلة التى نحملها للقادم الخفى!
ويا للغرابة ويا للعجب! غنى لأحسبنى أسمع قرع الطبول يتصاعد من تحت "قبة البرلمان" الذى هو نفس البرلمان الذى اخترناه وبايعناه منذ شهور! وكأننا ولدنا ونحن نحمل تلك الطبول فى أيدينا ونعلم أننا إن لم نقرعها، لن نستطيع أن نحيا فى تلك الغابة وكأن صوتها الزائف هو الذى سيبعد الأسد الجائع عنان أو أنه سوف يعلو فوق صوت زئيرهن ولكنهم أبدا لم يلحظوا أن قرع تلك الطبول هو دائما ما يجتذب الأسد نحونان فيطرب بصوتها حينما يكون ممتلئ البطن أما إذا جاع، فإنها تحفزه على الانقضاض وافتراس الاثنين معا، الطبلة وقارعها!
إلى هنا وكفى... ألم يأن الأوان أن نناقش ونحاور بموضوعية ودون خوف ودون قرع أو صخب؟! ألم يأن الأوان أن نحرق كل طبول النفاق ونستبدلها -إن لزم- بطبلة "المسحراتى" التى توقظ النوام؟ تلك الطبلة الرشيدة التى تذكرك دوما بأن عليك فرضا واجبا يجب أن تهب لتأديته ارضاء لوجه الله! والفرض اليوم يا سادة والذى يجب أن نصحو من أجله هو بناء وطن متهالك أوشك أن يتداعى ويبحث عن يد تمتد لتحتضنه وتعبر به طريق الزخم والمؤامرات واللامعقول... وطن حزين يعلم أنه أنجب 85 مليون رجل ولا يجد يدا واحدة تمتد لتنتشله؟! فقط لأن كل الأيدى مشغولة الآن بقرع نوع من الطبول!