بقلم-صموئيل بولس
+ تزوجت على يد مأذون شرعي طبقاً للشريعة الإسلامية في الأول من سبتمبر سنة 1986.
+ ظهر لي السيد المسيح في الأول من يناير 1987، أي بعد مضي 3 شهور فقط من زواجي.. وترتب على ذلك إيماني به، وتبعيتي له حتى الموت.
+ ولأنَّ تعاليم المسيح تنهانا عن الكذب، فقد صارحت زوجتي المسلمة بأنني أصبحت مسيحياً، وخيرتها ما بين الرجوع إلى أهلها أو البقاء معي كمسيحي.
+ رفضت زوجتي الانفصال عني، والرجوع إلى أهلها، كما رفضت أيضاً ترك الإسلام والدخول معي في المسيحية!
لكنها ارتضت العيش معي كمسيحي، على أن يحترم كل منا دين الآخر، فلا أتدخل أنا في دينها، ولا تتدخل هي في ديني، ولا تغدر بي وتبلغ عني المشايخ، وذلك كحل مؤقت لحين ما تطلب مشورة الله في هذه المشكلة العويصة، وبحث الموضوع بنفسها، حتى تصل إلى قرار نهائي بشأن مصير علاقتنا الزوجية.
+ ونظراً لأنَّه بيننا عقد زواج رسمي يكفل لها كل حقوقها، وبيننا- وهذا هو الأهم- علاقة أخوية متينة دامت سنين طويلة.. فلقد قررت التنازل لها عن المسكن بكل محتوياته، مؤكداً لها خطورة بقائها معي، لأني صرت مهدداً بالموت.. وإنني أنوي تسليم نفسي لمشايخي والاعتراف بإيماني المسيحي أمامهم.
+ بل وأضفتُ إلى ذلك نقطة في غاية الحساسية وأصعب ما يمكن أن تسمعه زوجة من زوجها:
" أنا غير قادر في الوقت الحالي عن الاهتمام بأي أمر آخر غير السيد المسيح وحده".
احترمت قراري، ثم طلبتني بإجراء نقاش بيننا حول المقارنة بين المسيحية والإسلام .. المسيح ومحمد، الإنجيل والقرآن.
فوافقت على طلبها بكل سرور، وتناقشنا، وطال نقاشنا، وفوجئت بها وهي تحتد علي، وقالت من ضمن ما قالته:
+ يعني إيه الكلام دا؟!
+ آمال القرآن يكون إيه؟!
+ ومحمد يكون إيه؟!
معقول كل دا يطلع في الآخر كذب في كذب؟! لا ، مستحيل .. مستحيل..!!!
فاحترمت موقفها، ولم أجب على سؤالها حتى لا أسيء إلى أحد، وأوقفت النقاش معها .. ثم صليت للرب أن يكشفَ لها الحقائق كما سبق وكشفها لي قائلاً: يا من أعلنتَ ذاتك لي في الكعبة أعلن ذاتك لها.
+ وبعد مضي نحو 6 شهور ونحن على هذا الحال، صدر قرار بإيقافي عن العمل في المسجد، وفتح تحقيق معي.. فقررت الذهاب إليهم معترفاً بإيماني المسيحي الوليد، ممنياً نفسي بنيل إكليل الاستشهاد على اسم المسيح، ربي وإلهي ومخلصي الأوحد.
+ قام أبونا بولس باستدعائها وطلب منها أن تأخذ كل حقوقها بما فيها السكن ومحتوياته وأن ترجع إلى أهلها المسلمين، قائلاً لها:
جوزك محكوم عليه بالموت، وأنا أنصحك يا ابنتي، كأب لك ، بتركه والرجوع إلى أهلك..
وهنا فجَّرت زوجتي مفاجأة من العيار الثقيل حينما جاوبته قائلة :
+ أنا عارفة أن زوجي محمد ممكن يموت، لكن هل المسيح ممكن يموت؟
فقال أبونا: لا يا ابنتي، فالمسيح مات مرة واحدة بحسب الجسد لأجل خلاصنا، وقام من الموت في اليوم الثالث، وهو حي إلى الأبد، لأنَّ لاهوته لا يموت.
+ فقالت له زوجتي: إذاً فأنا لا أسير مع محمد الذي سيموت، بل مع المسيح الذي لا يموت !!!
وبناء على أجابتها المدهشة التي لن أنساها عمري كله، فلقد أصبحت أخت لي في الايمان، لكن ليست زوجة حتى يتم زواجنا مسيحياً ..
وذهبنا معاً إلى البرية بعدما رفض أبونا ذهابي إلى مضايقي.
+ قضينا سنة في البرية، وبعد نزولنا للعالم، قام أبونا بولس بإقامة صلاة إكليل الزواج لنا، داخل إحدى الشقق وبطريقة سرية للغاية، فأصبحت زوجتي مسيحياً، وكنسياً، ولكن بسبب تعرضنا للمطاردات المعادية، ثم انشغالي الكبير بخدمة حالات الارتداد، ثم انفصالنا الجسدي نحو سنتين بسبب مهاجمة بيتنا وذهابها للإقامة في مكان مسيحي خاص بالمكرسات، وإقامتي أنا داخل الكنيسة، حال كل ذلك دون حدوث حمل.
المعجزة:
+ وصلنا إلى هولندا في 10 – مايو 1993( لا تنسوا هذا التاريخ) !
+ وبدأنا رحلة محاولات الانجاب، بعدما ذقنا حلاوة الاستقرار معاً لأول مرة، ولما طال بنا الوقت بدون حمل، لجأنا إلى الأطباء.. وأجريت محاولات علاجية وجراحية كثيرة بدون نتيجة.. وكانت الصدمة المميتة:
+ عفواً يا سيدتي، يؤسفني إبلاغك بهذا الخبر السيء، فبعد كل المحاولات الطبية التي أجريناها لك، اكتشفنا وجود أسباب طبية تمنعك من الحمل والإنجاب.. أنتِ لن تستطيعين الإنجاب طوال حياتك.. ولذلك فأنصحك بتبني طفل، هكذا قال الطبيب المعالج، وهو رئيس القسم وبروفيسور هولندي كبير من أصل ألماني.
+ حدث ذلك في مثل هذه الأيام المباركة من صوم العذراء 1995.
+ انهارت زوجتي باكية، وعاتبت المسيح بدموع ساخنة، يعني يا رب أنت بتعطي للطيور والحيوانات ولا تعطيني أنا أبنتك التي تركت العالم كله علشانك؟!
+ ظلتْ تبكي بحرقة لمدة 12 يوم من 10- أغسطس 1995 حتى يوم عيد العذراء 22 - أغسطس1995.
وأصرتْ على سفرنا من مدينتنا البعيدة إلى كنيسة القديسة العذراء بأمستردام، لحضور قداس عيد العذراء المحبوب.. وكانت تبكي طوال القداس وتطلب صلوات وشفاعة العذراء ..
+ بعد انتهاء القداس، جلسنا سوياً مع أب اعترافنا قدس أبينا المحبوب القمص أرسانيوس البراموسي.. وبكيت زوجتي أمامه قائلة :
+ أنا تعبت جداً يا أبونا من العمليات، والعلاج، بدون فائدة، وعاوزة ربنا هو اللي يرزقني بطفل من عنده!
ثم أجهشت بالبكاء .
+ تأثر أبي القديس بدموعها، فتركنا لثلاث دقائق، ثم عاد إلينا ومعه صورتين، الأولى للقديسة العذراء مريم، والثانية للقديس موسى القوي، وقال قدسه بلهجة الواثق
ببركة القديسة الطاهرة العذراء مريم أم النور، وبصلوات الأنبا موسى الأسود ، ربنا ها يعطيك يا مريم سؤال قلبك )!!!
أخذت زوجتي الصورتين ووضعتهما أسفل وسادتها، وكل ليلة تصلي للرب وتتشفع بالعذراء.
+ لم يمض على هذا الموقف سوى ثلاثة أسابيع فقط حتى شعرت زوجتي بآلام في بطنها، فذهبتْ للطبيب لإعطائها دواء مسكن، لكن كانت المفاجأة أنَّ طبيب العائلة حولها إلى المستشفى ليكتشفوا هناك أنَّ زوجتي حامل في ثلاث أسابيع !
+ في 10 – 5 – 1996 داهمت زوجتي آلام المخاض قبل موعدها الطبيعي ب 12 يوم، ورأى الأطباء ضرورة ولادتها بطلق صناعي، لتضع طفلتنا الوحيدة كريستين لتحسب مدة حملها من لحظة سماعها قول أبونا ( ببركة العذراء ..) بل وفي نفس الساعة أيضاً !!!
+ طفلتي كريستين عمرها الآن 12 سنة، ومن المؤسف أنَّها تشبهني ولا تشبه أمها الجميلة ! وأما المشكلة لأكبر أنَّها ورثت عني إدمان القراءة !!!
+ شكراً لك يا ربي يسوع المسيح لأنَّك قلت لتلاميذك الأطهار( من يكرمكم يكرمني ..).
+ لأنَّه إذا كنت قد قلت ذلك عن تلاميذك، فكم وكم تقول عن أمك الطاهرة التي ذكرت في الكتاب المقدس قبل جميع الأنبياء( نسل المرأة يسحق رأس الحية) والتي اخترتها من بين ملايين النساء، لكي تباركها، وتقدسها، ويحل روحك القدوس عليها، وتأتمنها على نفسك، ونطق وحيك القدوس على لسانها المبارك قائلاً :
+ هو ذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني.
+ نعم أيتها المباركة في النساء، نعم يا أم الرب، نعم أطوبك، نعم أقدسك، نعم أطلب شفاعتك التوسلية!
وكل سنة وحضراتكم طيبين بمناسبة بلوغنا منتصف صوم القديسة العذراء مريم، أم النور، أم الطهر، أم القدوس، أم يسوع المسيح ، رب المجد.
ملاحظات:
+ اختارت زوجتي من 21 سنة مضت أن تحمل اسم مريم تباركاً بهذا الاسم الملوكي الكريم، وحملت طباعها الهادئة الوديعة، وميلها للصمت( إلا في حالة تعرض المسيحية لهجوم)!!!
+ زوجتي، وأختي في المسيح، تفوقني ايماناً ومحبة ووداعة وطهراً وقداسة، وتفضل الاختباء وراء الصليب، فهي الجندي المجهول الذي لا يعرفه الناس، ولولا ما كنت قدرت على مواصلة خدمتي.
+ زوجتي نموذج مشرف للمرأة الغريبة التي اختارها الرب ليجعلها قريبة، بل أقرب من كثيرات ولدن في النعمة، دون تقدير لقيمتها الروحية والخلاصية الثمينة.
+ زوجتي حملت نصيبها من الآلام في سبيل تبعيتها للمسيح، ولم تخن ولم ترتعب ولم تتراجع بل عرضت حياتها للموت في سبيل المسيح.
+ زوجتي نموذج مشرف للزوجة التي تقف بجوار زوجها في المحن والضيقات، فلقد احتملت معي حياة الشغف والمطاردات في مصر، ومعاناتي من المرض بالفشل الكلوي لمدة 5 سنوات كاملة، وفي السنة الخامسة كنت على مشارف الموت، لكنها ضحت بنفسها لكي تنقذني، فأصرت على التبرع لي بكليتها لكي تنقذ حياتي، وتمجد الرب وحدثت معجزة أخرى، فدمها طلع من نفس فصيلة دمي، وأنسجتها طلعت من نفس أنسجتي ، مما سهل عملية نقل كليتها لي، رغم أنَّها لا تمت لي بأي صلة قرابة جسدية حتى تتوافق فصيلة دمها مع دمي ونوعية أنسجتها مع أنسجتي !!!
+ قامت الكنيسة بتكريمها مكافأة لها على تضحيتها من أجلي، مطالبة الزوجات التعلم منها التضحية والصبر.
+ زوجتي أنجبت بمعجزة إلهية فريدة جداً من نوعها، والطب والعلم يشهدان على ذلك.
+ أطالب كل زوجة مسيحية بالوقوف مع زوجها في المحن والضيقات حتى يكافئها الرب، وأطالب كل زوج بمحبة زوجته كنفسه، واحترامها، واحترام أهلها. وأن لا يفترقا مهما كانت الأسباب، لأنَّ هذا هو الزواج المسيحي المقدس، كما شرعه رب المجد، قائلاً : ما جمعه الله لا يفرقه إنسان.
+ وأصلي من أجل كل زوجة تحلم بأن تكون أماً، أن يحقق الرب حلمها، ويعطيها سؤال قلبها، ويرزقها بالنسل المبارك، ليطيب خاطرها ويفرح نفسها، ببركة وصلوات وشفاعات أمنا القديسة الطاهرة العذراء مريم أم النور.
عنوان المقالة «من معجزات أم النور في هولندا !!!»
«صموئيل بولس»
«الأقباط متحدون»